هوكستين: صفقة حدودية بمفاعيل داخلية
لم تكن زيارة وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت لِتشكّل مفاجأة بالمعنى الحقيقي للكلمة. ففي الحقبة الأخيرة كانت زيارات عبد اللهيان الى العاصمة اللبنانية متوقعة كلما تقاطرت زيارات كبار المسؤولين الغربيين، للدلالة على الحضور والنفوذ الإيراني في لبنان.
لكنّ الجديد في زيارة الوزير الإيراني هو ما حَمله كلامه من مواقف مختلفة أقلّه عن تلك التي اعتاد على إطلاقها منذ اندلاع الحرب في غزة واشتعال جبهة جنوب لبنان. فعوض اللغة «الحربية» التي دأب على استخدامها، جاءت مفرداته هذه المرة تفاوضية وتسووية عبر الإشارة الى أن الحل هو بتسوية سياسية لا بالحرب وأن المنطقة تتجه نحو الإستقرار، كاشفاً عن تواصل مع الولايات المتحدة الأميركية التي طلبت من طهران التدخل لدى «حزب الله» لمنع توسّع النار في الجنوب.
والاستنتاج الأولي الذي يمكن الخروج به بأنّ قناة التواصل ما بين واشنطن وطهران أنتجت تفاهماً أولياً ما يزال بحاجة لإقناع الحكومة الإسرائيلية به، وهو ما تعنيه إشارته بأن نتنياهو يسعى لأخذ البيت الأبيض «رهينة له» والذي عليه أن يختار بين أن يبقى رهينة أو يتطلّع الى الحل السياسي.
واللافت أكثر أنه لمّح الى أن لبنان يشكل جزءا من التسوية المفترضة. فمع وصوله الى مطار بيروت، أعلن أن أمن لبنان من أمن إيران، ولاحقاً أبدى اطمئنانه الى أن اسرائيل لن تهاجم لبنان وهو ما يوحي بوجود ضمانات في هذا المجال، ولو أنه استتبعَ ذلك بالقول انّ أي هجوم واسع النطاق على لبنان «سيكون اليوم الأخير لنتنياهو»، مع العلم أنه في السابق كان يستخدم تعبير «ستكون نهاية إسرائيل».
إنّ فك شيفرة كلام عبد اللهيان لا يبدو صعباً، فهو يتحدث عن تفاهمات واسعة جرت بنشاط في الكواليس التفاوضية بين واشنطن وطهران طوال المرحلة الماضية وفي عز اشتعال حرب غزة. كذلك، فإن كلام وزير الخارجية الايراني يعزّز الإعتقاد بأنّ مواجهات البحر الأحمر وتبادل القصف في العراق وسوريا وشمال الأردن كان أقرب ليكون تفاوضاً بالنار منه مواجهة حقيقية وفعلية.
لكن اللافت أن وصول عبد اللهيان الى بيروت تزامَن مع بلوغ الإعتداءات........
© الجمهورية
visit website