أوكرانيا وغزة وجنوب لبنان وبحر الأسرار
لا شك بأنّ أسراراً كبيرة وكثيرة تختزنها حرب غزة. والأهم أنّ هذه الأسرار قد لا تتكشف قبل مضي وقت طويل وربما عقود من الزمن. أليست هذه دروس التاريخ حول الحروب العاتية التي عصفت بمفاصله ومراحل التحوّل التي شهدها؟
فلقد بات جليا أن المنطقة والى حد ما العالم يعيش مرحلة تحولات كبرى لا بد من التيقن لها. ومن هنا تصبح الأسئلة ملحة ولو أن أجوبتها لن تكون متوفرة الآن، بل ستدخل خزنة الأسرار، وسيجري إحكام إغلاقها الى فترة طويلة من الزمن، بانتظار مرحلة لا يعود فيها الكشف عن الأسرار مؤذيا وملهبا للعواطف ومدنسا للأخلاق.
ومن الأسئلة التي تبقى أجوبتها غامضة حتى الآن هو عن التوقيت الذي اختاره زعيم حركة حماس في غزة والقائد الفعلي لتركيبتها العسكرية يحيي السنوار لتنفيذ عملية "طوفان الأقصى". إذ من المنطقي أن يكون اعتمد حسابات معقدة، وهو الذي ثابر على بناء مشروعه العسكري لمدة طويلة من الزمن، بكثير من التأني والجهد والكتمان، ما يجعله يختار توقيته وفق حسابات بأبعاد عدة. أضف الى ذلك ما بات معروفا بأن إيران ومعها حزب الله فوجئا باندلاع الحرب، وهو ما ظهر لاحقا باستياء مكبوت لم يسمح الوقت بعد لإظهاره. وهنا السؤال عن هوية صاحب الغطاء الخارجي الذي ركنت اليه حسابات السنوار؟.
والسؤال الثاني الملح حول ما إذا كان هنالك من رابط خفي بين حرب غزة والحرب الصعبة الدائرة في أوكرانيا، والتي للمناسبة تقفل عامها الدموي الثاني. وكان واضحا تأثير حرب غزة خلال الأشهر الماضية على مسار معاركها.
ويأتي السؤال الثالث الملح حول كيفية وصول الأسلحة والذخائر والتجهيزات حتى ولو كانت بدائية في معظمها، الى منطقة صغيرة جغرافيا من المفترض أن تكون محاصرة بحرا وبرا ومحكمة الإغلاق. ففلسطينيو الضفة الغربية حيث الحدود أوسع والظروف أقل صعوبة، لم ينجحوا بالحصول على القدرات التسليحية نفسها. لا بل أن المطاردة الأمنية نجحت في الحد من عمليات تهريب أسلحة فردية كانت تتولاها عصابات التهريب مقابل غض النظر عن نشاطها. وطالما أن السحر يبقى من عالم الخيال، فلا بد من البحث عن الجهة الفاعلة التي نجحت في خرق الحصار حول غزة وعن غايتها........
© الجمهورية
visit website