أكثر من شهر مضى على سحب مشروع اعادة الانتظام العام وهيكلة المصارف، من النقاش في جلسة مجلس الوزراء، بعد حملة شرسة شنتها المصارف على المشروع في وسائل الإعلام والمنتديات والمنابر، ولاقاها تهديد عدد من الوزراء، من انتماءات متنوعة، ترفض المشروع، تارة بالتباكي المزيف على حقوق المودعين ورفضهم الانصياع لشروط ومطالب صندوق النقدالدولي، وتارة اخرى المطالبة بتحمل الدولة اللبنانية، لكافة الخسائر الناجمة عن الاستدانة من المصرف المركزي، وطورا بأن المشروع لا يلبي مطالب إعادة النهوض بالقطاع المصرفي، وتجديد ثقة المواطنين فيه، ليتمكن من النهوض بالوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، بعد خمس سنوات من الانهيار.

وكانت النتيجة ان تم سحب المشروع من التداول بعد وعد بتاليف لجنة وزارية، طالبت جمعية المصارف بالانضمام اليها، لطرح هواجس وافكار القطاع المصرفي، لكي يأتي المشروع المحدث، مكتملا ويحقق النتائج المرجوة منه.

قبلها وفي نهاية السنة المنصرمة، واثناء عرض مشروع قانون الكابيتال كونترول، على جدول اعمال جلسة المجلس النيابي الاخيرة للمناقشةوالتصويت عليه، طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي باعادته للحكومة لدراسته مع وعد مقطوع بدراسته وانجازه في غضون شهرين، واحالته الى المجلس النيابي لاقراره، مع العلم ان المشروع المذكور تمت دراسته في اللجان النيابية بدقة وروية، وادخلت عليه تعديلات أكثر من نقابة وجمعية معنية بالموضوع.

انهالت انتقادات جمعية المصارف وجمعية التجار على مشروع هيكلة المصارف، من كل حدب وصوب، واتُهِم نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، بأنه هو الذي ضمنه أفكاره وتوجهاته، لمراضاة ومراعاة مطالب وشروط صندوق النقدالدولي لمساعدة لبنان ليتمكن من الخروج من الازمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها حاليا، بالرغم من توصل لبنان الى اتفاق مبدئي على مستوى الخبراء قبل عامين، بينما انصب اهتمام جمعية المصارف على الطلب بصراحة مطلقة، بوجوب اشراك الجمعية بشكل فاعل بصياغة مشروع إعادة الانتظام المالي، مع التقليل من أهمية مشروع هيكلة المصارف الحالي، باعتباره لزوم مالايلزم، ولان عمل المصارف منتظم، وانما الخلل ألذي يعانيه القطاع، نابع من الخلل في بنيوية الدولة واداراتها للسلطة، ولاسيما الاستدانة الكبيرة، من المصرف المركزي لتمويل احتياجات تسيير حركتها جراءتراجع دورة الاقتصاد عموما.

بعد مرور اربعة أشهر على استعادة الحكومة لمشروع قانون الكابيتال كونترول، وبعد شهر من تعليق طرح مشروع قانون اعادة الانتظام المالي العام وهيكلة المصارف، لم يعرف مصير المشروعين، ولم يأت ذكر تشكيل اي لجنة وزارية اوغيرها في وسائل الإعلام لاعادة دراستهما من جديد، بالرغم من اهمية اقرار المشروعين المذكورين، في الاصلاحات المالية المطلوبة، كأحد الشروط الاساسية، لتسهيل الاتفاق المطلوب بين لبنان وصندوق النقد الدولي.

ويبدو بوضوح من خلال اعادة مشروع قانون الكابيتال كونترول اولا، ومن دون اعتراض واضح من الذين اشرفوا على دراسته بلجنة المال النيابية وغيرها من اللجان، وبعده منع اقرار مشروع قانون الانتظام المالي العام وهيكلة المصارف، ان هناك تناغما واضحا بين الحكومة او معظم وزرائها، والمجلس النيابي بتركيبته الحالية، لتمييع اقرار المشروعين معا، وتاجيل اقرارهما، تارة بتهشيم تركيبة المشروعين واهدافهما، وتارة اخرى بضرورة اجراء تعديلات جذرية عليهما، بينما يبقى الهدف الاساس، بقاء أبواب القطاع المصرفي مشرعة بالكامل على الاستمرار بالفوضى السائدة واحتجاز ودائع المواطنين المالية، بلا حسيب او رقيب، والتزام الصمت على ارتكابات الطبقة السياسية الحاكمة في التحويلات المالية بعد ثوره ١٧ تشرين الاول عام٢٠١٩ وقبلها، بمعزل عن أي رقابة أو محاسبة، للاموال المنهوبة بالفساد، والاهم تعطيل الاتفاق مع صندوق النقدالدولي، مستغلين تردي الأوضاع وتداعيات حرب غزّة والمواجهات على الحدود الجنوبية اللبنانية على الداخل اللبناني.


QOSHE - تواطؤ رسمي ومصرفي لتمييع إقرار قانون هيكلة المصارف كما الكابيتال كونترول قبله! - معروف الداعوق
menu_open
Columnists Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

تواطؤ رسمي ومصرفي لتمييع إقرار قانون هيكلة المصارف كما الكابيتال كونترول قبله!

7 0
28.03.2024

أكثر من شهر مضى على سحب مشروع اعادة الانتظام العام وهيكلة المصارف، من النقاش في جلسة مجلس الوزراء، بعد حملة شرسة شنتها المصارف على المشروع في وسائل الإعلام والمنتديات والمنابر، ولاقاها تهديد عدد من الوزراء، من انتماءات متنوعة، ترفض المشروع، تارة بالتباكي المزيف على حقوق المودعين ورفضهم الانصياع لشروط ومطالب صندوق النقدالدولي، وتارة اخرى المطالبة بتحمل الدولة اللبنانية، لكافة الخسائر الناجمة عن الاستدانة من المصرف المركزي، وطورا بأن المشروع لا يلبي مطالب إعادة النهوض بالقطاع المصرفي، وتجديد ثقة المواطنين فيه، ليتمكن من النهوض بالوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، بعد خمس سنوات من الانهيار.

وكانت النتيجة ان تم سحب المشروع من التداول بعد وعد بتاليف لجنة وزارية، طالبت جمعية المصارف بالانضمام اليها، لطرح هواجس وافكار القطاع المصرفي، لكي يأتي المشروع المحدث، مكتملا ويحقق النتائج المرجوة منه.

قبلها وفي نهاية........

© اللواء


Get it on Google Play