نجحت دولة الإمارات خلال COP28 بجدارة في نسف نظريات المتربصين بها، وكل من حاولوا النيل منها أو من رجالها وسياساتها وشركاتها الوطنية.

فمنذ الوهلة الأولى، ومع اختيار وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الدكتور سلطان الجابر، رئيساً معيناً لـ«COP28»، امتدت أيادي ونظريات العبث لتنال من نزاهة شخص الوزير، لكونه رئيساً لشركة نفطية.

نال سلطان الجابر هجوماً لاذعاً وعنيفاً وغير مسبوق من بعض النشطاء ووسائل إعلام غربية، وصدّروا قلقهم «الوهمي» للعالم، بشأن اختياره لرئاسة المؤتمر، بل وصل بهم الأمر للهجوم على كل من نطق بكلمة صادقة في حقه، وعلى رأسهم فرانس تيمرمانز، الرئيس السابق للصفقة الخضراء في المفوضية الأوروبية، عندما قال: «نعم، إنه رئيس تنفيذي لشركة نفط، ولكن انظروا إلى سجله المثير للإعجاب».

وتمثلت الحجة الدامغة لتيمرمانز والتي بنى عليها رأيه، حين قالها لهم بوضوح: «لقد بدأ سلطان الجابر في اتباع سياسات الاستدامة قبل فترة طويلة قبل أي شخص آخر يعمل في قطاع الطاقة بالعالم»، في إشارة إلى دوره المهم في تأسيس «مصدر»، شركة الطاقة المتجددة العالمية العملاقة، في عام 2006 بأبوظبي.

طوال عام كامل، لم يذكر هؤلاء ولو مرة واحدة أن الدكتور سلطان الجابر الذي تمسكت القيادة الإماراتية برؤيتها الاستشرافية للمستقبل في اختياره هو أيضاً رئيس لمجلس إدارة شركة «مصدر» للطاقة المتجددة، واكتفوا دوماً بالإشارة إلى منصبه في «أدنوك»، والأسباب مفهومة بالطبع.

أثبتت دولة الإمارات رؤيتها الثاقبة في اختيار الدكتور سلطان الجابر لهذا المنصب، وأنه الشخص المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب، الذي يمكنه قيادة جميع الأطراف نحو توافق استثنائي، ولم يترك أحداً يتخلف عن الركب، بل إن اختيار سلطان الجابر لرئاسة COP28 يعكس استراتيجية قيادة دولة الإمارات الطموحة في الاختيار والتنفيذ، وفرض ما هو منطقي وقابل للتنفيذ على الأجندة الدولية، لتتجلى نتائجه في توافق 195 دولة حول قرار واحد وموحد بالخروج باتفاق الإمارات التاريخي.

كان رد سلطان الجابر على الهجوم والانتقادات الحادة شديد الحكمة والذكاء، وذكّر منتقديه بأن حالة الطوارئ المناخية تؤثر على العالم بأكمله بلا استثناء، وتتطلب استجابة الجميع وجهودهم، ولا يجوز إقصاء أحد لأي سبب خلال هذه المواجهة المصيرية، وطالما حاول أن ينشر الوعي بشأن عدم قدرة العالم على مواجهة التحديات المناخية دون إشراك صناعة الوقود الأحفوري.

وفي أول أيام المؤتمر، انتصر سلطان الجابر عندما نجح في تفعيل صندوق «الخسائر والأضرار»، في أول 30 دقيقة من رئاسته لمؤتمر الأطراف، ليسدل الستار على قضية خلافية شهدت انقسامات حادة بين الدول الغنية والنامية طوال 30 عاماً من المفاوضات المناخية.

وانتصرت الإمارات عندما نجحت في جمع تعهدات مالية بقيمة 85 مليار دولار في 14 يوماً، بينما لم تنجح الجهود العالمية في جمع نفس الرقم إلا بعد 14 عاماً من المناشدات والمطالبات، منذ مؤتمر كوبنهاغن في 2009.

وانتصرت الإمارات عندما تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية على لسان نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، في COP28، بتقديم 3 مليارات دولار لصندوق المناخ الأخضر، أكبر صندوق دولي مخصص لدعم العمل المناخي والاستثمار في الطاقة النظيفة والحلول القائمة على الطبيعة في الدول النامية.

وانتصر الدكتور سلطان الجابر عندما نجح في إقناع 134 دولة، يبلغ عدد سكانها أكثر من 5.7 مليار شخص، وتضم نحو 500 مليون مزارع، وتنتج 70% من الغذاء، ومسؤولة عن 76% من إجمالي انبعاثات النظم الغذائية العالمية، و25% من إجمالي الانبعاثات العالمية، بالتوقيع على إعلان «COP28» بشأن الزراعة المستدامة والنظم الغذائية المرنة والعمل المناخي، وحشد ما يزيد على 2.5 مليار دولار لدعم الأمن الغذائي العالمي في إطار مواجهة تغير المناخ.

وصل نجاح الدكتور سلطان الجابر لذروته عندما أقنع 50 شركة تعمل بقطاع النفط والغاز بالتوقيع على تعهد بخفض انبعاثات الميثان إلى الصفر بحلول عام 2030، ما يمثل خطوة بارزة ومهمة في جهود مواجهة الاحترار العالمي؛ إذ إن خفض الميثان يُعد أسرع طريقة لخفض معدلات ارتفاع درجات الحرارة في أسرع وقت.

ثم أكملت دولة الإمارات النجاح الساحق ورفعت سقف الطموح بتقديم 100 مليون دولار لصالح صندوق البنك الدولي، لدعم شراكة خفض انبعاثات الميثان؛ تأكيداً لصدق توجهاتها في دعم العمل المناخي العالمي.

وفاز الدكتور سلطان الجابر أيضاً عندما نجح في إقناع قادة العالم بالالتزام بمضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية العالمية ثلاث مرات بحلول عام 2050، وذلك لتحقيق الحياد المناخي، وهو الإعلان الذي قادته دولة الإمارات والولايات المتحدة وفرنسا خلال المؤتمر، ووقعت عليه حتى الآن 22 دولة

في النهاية، هزم الدكتور سلطان الجابر منتقديه هزيمة نكراء، عندما خرج باتفاق الإمارات التاريخي للنور في آخر أيام COP28 بتوافق عالمي غير مسبوق، وبنود تقضي بالتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري، وتحمل معها الأمل في مستقبل نظيف وآمن ومزدهر للبشرية والكوكب معاً، لتحافظ الإمارات على هدفها الأسمى وهو إنقاذ الكوكب، من خلال مؤتمر الأطراف COP28، فالنجاح الذي حققته لم يكن وليد اللحظة، بل هو امتداد لسياسات سبقت الحدث نفسه، عندما ركزت على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي المستدام، والحفاظ على البيئة، بالاعتماد على العلم والتكنولوجيا النظيفة لدعم الخطط والاستراتيجيات المناخية.

انتصرت دولة الإمارات في رؤيتها للإنسانية، وقادت العالم نحو مسار جديد في إنقاذ الكوكب من هجمة المناخ، لتثبت للعالم أنها حقاً دولة اللامستحيل.


QOSHE - كيف انتصر رئيس COP28 للبشرية بإرادة إماراتية؟ - أحمد سعيد العلوي
menu_open
Columnists Actual . Favourites . Archive
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close
Aa Aa Aa
- A +

كيف انتصر رئيس COP28 للبشرية بإرادة إماراتية؟

19 0
21.12.2023

نجحت دولة الإمارات خلال COP28 بجدارة في نسف نظريات المتربصين بها، وكل من حاولوا النيل منها أو من رجالها وسياساتها وشركاتها الوطنية.

فمنذ الوهلة الأولى، ومع اختيار وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الدكتور سلطان الجابر، رئيساً معيناً لـ«COP28»، امتدت أيادي ونظريات العبث لتنال من نزاهة شخص الوزير، لكونه رئيساً لشركة نفطية.

نال سلطان الجابر هجوماً لاذعاً وعنيفاً وغير مسبوق من بعض النشطاء ووسائل إعلام غربية، وصدّروا قلقهم «الوهمي» للعالم، بشأن اختياره لرئاسة المؤتمر، بل وصل بهم الأمر للهجوم على كل من نطق بكلمة صادقة في حقه، وعلى رأسهم فرانس تيمرمانز، الرئيس السابق للصفقة الخضراء في المفوضية الأوروبية، عندما قال: «نعم، إنه رئيس تنفيذي لشركة نفط، ولكن انظروا إلى سجله المثير للإعجاب».

وتمثلت الحجة الدامغة لتيمرمانز والتي بنى عليها رأيه، حين قالها لهم بوضوح: «لقد بدأ سلطان الجابر في اتباع سياسات الاستدامة قبل فترة طويلة قبل أي شخص آخر يعمل في قطاع الطاقة بالعالم»، في إشارة إلى دوره المهم في تأسيس «مصدر»، شركة الطاقة المتجددة العالمية العملاقة، في عام 2006 بأبوظبي.

طوال عام كامل، لم يذكر هؤلاء ولو مرة واحدة أن الدكتور سلطان الجابر الذي تمسكت القيادة الإماراتية برؤيتها الاستشرافية للمستقبل في اختياره هو أيضاً رئيس لمجلس إدارة شركة........

© العين الإخبارية


Get it on Google Play