أطرح هذا التساؤلفي فترة الـ١٦ يومًا من الفعالياتضد العنف القائمعلى النوع الاجتماعي.وهي حملة عالميةتدعو إلى وضع حدّللعنف ضد النساء والفتيات،وتقام كلّ عام،وتبدأ في الـ25 من تشرين الثاني،اليوم العالمي للقضاءعلى العنف ضد المرأة،وتنتهي في يوم حقوق الإنسانفي الـ10 من كانون الأول.
تحلّ المناسبة،والعالم يشهد أبشع أشكال العنفضراوة وقساوة وعماءًضد المدنيين العزّل،والذي تمارسه إسرائيل في حربها على الشعب الفلسطيني في غزة.
في الحروبيصنّفون القتلى،ويميّزون في الإحصاءاتبين ثلاث فئات،الرجال والنساء والأطفال،فيستهولون قتل النساء والأطفالولا يبالون كثيراً بقتل الرجال.
في أيام السّلمتختلف النظرة ومعها الموقف،فيبقون على رفض قتل الأطفال،لكنّهم يستفظعون أكثر قتل الرجالبالمقارنة مع قتل النساء،لا بل إننا في بلداننا العربيةنستسهل إيجاد الحجج لقتل النساءونطمئن إلى صحتها،فيما ندقّق بدوافع قتل الرجالونتساءل حول مشروعيّتها.
المقارنة تستدعي التساؤلحول هذا التحوّل في الموقف،مع الانتقال من السلم إلى الحرب؟
فلنبدأ بحالة الحربلنفهم الموقفربما بوضوح أكبر،في حالة السلم.
المشهد في الحرب أكثر سطوعاًحيث إن الرجل هو المسلّحوهو من يقتل،من يقود الطائرات ويطلق الصواريخ،من يهاجم ومن يقتحم المنازل،فيبدو عندها قتل النساء العزّلالخائفات والمختبئات،أمراً شنيعاً غير مقبول.
العلاقة هنابين مسلّح وأعزل،بين مستقوٍ بالسلاح وخائف،بين مهاجم ومختبىء،العنف في هذه الحالةعارٍ من الحججومدانٌ حكماً.
قتل الرجل الأعزلمدان في الحروب أيضاً،لكن وطأة قتل المرأةأكثر استفظاعاً،لأنها الأضعف جسدياًمن ناحية،ولأنه من ناحية ثانية،وفي حال كان الرجلهو الضحية،تبقى الصورةفي الأذهان،أنه قاتل وقتيلفي آن معاً،ممّا يخففّمن حدّة التعاطف معهبالمقارنة مع المرأة.
أيام السلم،سلاح الرجلغير ظاهر للعيانفي علاقته بالمرأة،بل هو متخفٍّفي قدسية الأديانوشرعية القوانينوشرف التقاليد،وهو يقبع هناك بحمايتها،وعندما ينتشله الرجل من مخبئهلقتل المرأة أو تعنيفها،فلا يكون ذلك عنفاًبل دفاعاًعن الأديان والقوانين والتقاليد.
يستخدم الرجل سلاحهبالواسطة، وبالخفاء،أيام السلم،فلا نستغربن أن يستخدمهبهذه البراعة والكفاءةأيام الحرب.
ولأنه لا يستطيع أن يخفيهأيّام الحرب،وحتى لا يفتضح أمره كلياً،يشنّ حروبهباسم الدين والقانون والتقاليد.